التعليم ورؤية 2030- نقاش شفاف يبعث التفاؤل بمستقبل التعليم

المؤلف: حمود أبو طالب10.12.2025
التعليم ورؤية 2030- نقاش شفاف يبعث التفاؤل بمستقبل التعليم

من بين الأمثلة الكلاسيكية التي تسلط الضوء على الأهمية الحاسمة للتعليم في نهضة الأمم، نجد دولًا مثل فنلندا، وكوريا الجنوبية، وآيسلندا، وسنغافورة، واليابان. هذه الدول، وغيرها الكثير، عانت ظروفًا تنموية متواضعة، بل إن بعضها واجه تحديات جسيمة خلال القرن الماضي. لكنها أدركت أن المفتاح السحري لتحقيق نهضة تنموية شاملة يكمن في التعليم المتميز، لتصبح بذلك نماذج عالمية يحتذى بها في جودة التعليم، باعتباره المحرك الأساسي لكل أشكال التنمية والتقدم.

لقد شهد التعليم في المملكة العربية السعودية تطورات هائلة وملموسة في كلا القطاعين العام والعالي، ولا شك في ذلك. إلا أنه يواجه الآن تحديات جسيمة، وذلك لارتباطه الوثيق برؤية المملكة الطموحة 2030، وما يليها من خطط مستقبلية. فقد أولت الرؤية الحالية التعليم مكانة مرموقة في صدارة أولوياتها، باعتباره أحد أهم الركائز الأساسية لتحقيق أهدافها، وهذا أمر بديهي، إذ لا يمكن تحقيق أي طموح دون تعليم رفيع المستوى. لقد طرأت تحولات جمة على نظامنا التعليمي، شملت جوانب متعددة. بعض هذه التحولات واضح وملموس للمجتمع، بينما البعض الآخر لا يستوعبه إلا المتخصصون والعاملون في هذا المجال. لذلك، كانت فرصة سانحة ومثمرة عندما قامت جمعية كتاب الرأي بتنظيم لقاء مفتوح مع وزير التعليم في الأربعاء الماضي، لمناقشة كافة شؤون التعليم وتحدياته على مدى أكثر من ساعتين. تميز اللقاء بالشفافية والشمولية، وتسليط الضوء على العديد من الجوانب الهامة، والإجابة على أسئلة واستفسارات الحضور بكل وضوح وصراحة.

من دواعي سرورنا أن نسجل لوزير التعليم تقديرنا العميق على شرحه المستفيض للعملية التعليمية الراهنة، والخطط التطويرية التي يجري العمل على تنفيذها بما يتماشى مع أفضل التجارب العالمية. لقد كان شرحه وافيًا، جليًا، وخاليًا من أي مبالغة أو تضخيم، ولم يتردد إطلاقًا في الاعتراف بأوجه النقص والقصور التي تشوب بعض الجوانب، وكيفية معالجتها وتلافيها بشكل فعال.

لقد ركز حديثه بشكل أساسي على أربعة محاور رئيسية تمثل الأسس والدعائم الجوهرية للتعليم: المعلم، والمناهج الدراسية، والبيئة التعليمية المحيطة بالطلاب، والعملية التقييمية أو المحاسبية. وفي كل محور من هذه المحاور، كان الحديث معمقًا، مفصلًا، وشفافًا إلى أبعد الحدود. علاوة على ذلك، استمع الوزير باهتمام بالغ لكافة الملاحظات، والأسئلة، والانتقادات بصدر رحب، دون أن يبدي أي رد فعل دفاعي غير مبرر، وهي السمة التي قد تلازم بعض المسؤولين في مثل هذه المواقف.

وخلاصة القول، لقد استمتعنا بنقاش بناء يجسد روح المسؤولية والوعي العميق، ويبعث فينا التفاؤل والاطمئنان تجاه مستقبل التعليم في بلادنا. ونأمل من معاليه أن يتفضل بتكرار مثل هذه اللقاءات المثمرة لمناقشة كل ما هو جديد ومستجد في هذا المجال الحيوي، لأن المجتمع يمثل الشريك الأهم لوزارة التعليم في مسيرة التطوير والنهضة.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة